اربعة عشر مليون يقتلون الحسين (ع) كل عام
كل الثورات التي حدثت على طول تاريخ البشرية حققت انتصارات اما معنوية او معنوية وماديه كما انها ابتليت بنوعين من الاعداء الاول هو التقليدي والذي خرجت الثورة ضده والثاني وهو الاخطر والاشد فتكا من الاول وهو العدو الداخلي الذي خرجت الثوره من اجله (( واعني به الطبقات المعدمة والمحرومة )) والتي بدورها تنقسم الى مستويين هما الجماهير الجاهله باهداف الثورة ومبادئها ويكون اقصى ارتباطاتها مع الثورة هو ارتباط عاطفي وهو ما يستغله المستوى الثاني وهم الانتهازيين لبناء عروشهم وتامين مصالحهم على حساب مبادىء الثورة من خلال تحريفها وحصرها في اضيق مضامينها بالشكل الذي يناغم عواطف ومشاعر الجماهير وتغييب كل ما يرتبط بوعيها وادراكها ويضمن بقاء مصالح تلك الفئة الانتهازيه. وذلك الفعل يقلل على العدو الاول وهو التقليدي الكثير من الجهد والعناء حيث انه بدا يرى ان الثورة تاكل نفسها بنفسها وبذلك يستطيع ان يمرر مخططاته باقل الخسائر حيث يتحكم هو بقيادة الجماهير من خلال طبقة الانتهازيين دون ان يكون هو الظاهر في الواجهة .
ولعل من اعظم الثورات في تاريخ البشرية والتي لازالت اصدائها ممتدة الى يومنا هذا هي ثورة ابي الاحرار وسيد الشهداء الامام الحسين (ع) والتي كانت ثورة متكاملة القيم والاهداف والمبادىء والقيادة والقاعدة في زمانها. ولكنها وكغيرها من الثورات بل الاكثر من بينها ممن تعرضت الى التهميش والتحريف وعلى يد من يدعون انهم اتباعها . فبالرغم من ان قائد الثورة ومؤسسها ومفجرها وهو الامام الحسين (ع) قد بين اهدافها بمقولته ((لم اخرج اشرا ولا بطرا ولا ظالما ولا مفسدا ,انما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي ولامر بالمعروف وانهى عن المنكر واسير بسيرة جدي وابي )) ولا يحتاج هذا القول الى أي تحليل او تعليق لوضوحه . واليوم وفي واقعنا العراقي ونحن نعيش مرور ثمان سنوات من سقوط نظام صدام حسين والذي كمم الافواه ومنع الحريات لنجد انفسنا هذه الايام نعيش ما يسمى بالديمقراطية والحرية لنشهد كل عام زحفا مليونيا يتصاعد في العدد كل عام يتوجه الى كربلاء الحسين ورمزها الامام الثائر في ايام ذكرى اربعينيته في صفر الحزن ولكننا في نفس الوقت نشاهد ذلك الذل والهوان وسلب الحقوق وفقدان الامن وانعدام الخدمات و انفراد الطبقات الحاكمة من احزاب وتيارات بمقدرات وخيرات البلاد والشعب يعيش اسوا احواله فلم يختلف وضعه عن ايام نظام صدام الا في شيء واحد هو انه يسمح له بالكلام واداء الطقوس الفارغة من المحتوى والمضمون او كما يعبر عنه اليوم (( في زمن صدام كان القطن موضوع في افواه الشعب كي لايتكلم واليوم رفع من افاه الشعب ليتكلم ووضع في اذان المسؤول كي لايسمع الكلام)) ومع هذه الحقائق المرة والاليمة فان الشعب واخص الملايين الزاحفة الى كربلاء لم تفهم شيء من ثورة الحسين فهي تبدا عزائها الحسيني في بداية محرم بالمواكب واللطم والزنجيل والتطبير والنوح والبكاء وتختمها في منتصف صفر بالمسير واقامة مواكب الطبخ على الطرق لتعود بعلد ذلك الى بيوتها وكان الحسين(ع) محصور بين (1) محرم و(20) صفر وبطقوس شكلية . ولعل السبب الرئيسي في تمييع وتذويب وتحريف اهداف ومبادىء الثورة الحسينية هم المرجعيات الدينية المتحكمة بالناس وعلى راسها مرجعية السيستاني والتي ترى بام عينها ما يمر به البلاد والعباد من فساد وظلم وما يتنعم به السياسيون من امتيازات اطروها باطر قوانين وتشريعات وضعوها هم لانفسهم سهلت لهم سرقة 20% من ميزانية الدولة سنويا بشكل وغطاء قانوني عدى ما يسرق بشكل غير قانوني والذي قد يصل الى اضعاف تلك النسبه ومع ذلك فاننا نجد دعمها المتواصل لتلك الجهات السياسية ودون ان تردعها وتكتفي فقط وعلى لسان معتمديها ووكلائها بكلمات استنكار او مطالبه اوقلقل لا تختلف عن تلك التي يرددها المواطن نفسه مع انها تمتلك زمام الامر ووسائل الضغط والتي من اهمها انصياع الغالبيه من الشعب ظاهرالتوجيهاتها والتي تستطيع من خلالها تحريك الجماهير والضغط على السلطة الفاسدة والتي جعلت البلاد في اوضاع تشابه تماما الاوضاع عام 61 هـ في حكم يزيد بن معاوية والتي دفعت الامام الحسين(ع) للثورة ضده . ويشارك مرجعية السيستاني الصامته والمتخاذله عن نصرة المظلومين بل والداعمة للفاسدين من الاحزاب الحاكمة مجموعة سيئة وظالمة من خطباء المنابر والذين اساؤوا للقضية الحسينية من خلال تحجيمها وحصرها بمحاور الغت كل اهدافها حيث اننا نجد ان هؤلاء الخطباء توزعت ادوارهم على مستويات فالبعض اخذ يركز على الجانب التاريخي للحادثه من خلال سرد تفاصيلها التاريخيه مع محاولة لكشف بعض الغموض فيها والاخر نحى بها منحا ركز فيه على المواجهة والحرب الكلامية ووتهييج مشاعر الحضور تجاه بعض التيارات المحسوبة على الاسلام والتي تستهزء بالشعائر الحسينية كالوهابية والسلفية والبعض الاخر اخذ يركز على الجانب العاطفي من خلال تحريك المشاعر لمزيد من البكاء واللطم وذرف الدموع لاجل نيل اكثر اجر وثواب ويسرد مع ذلك روايات عن المعصومين (ع) تشير لفضل البكاء واللطم . ولم نسمع منهم مرجعا او خطيبا تطرق الى الفساد والظلم الصادر من الجهات الحاكمة وحاول ان يحرك الجماهير ويستنهضها للقيام بوجه هؤلاء المفسدين مستفيدا من حرارة الاجواء العاشورائية والتي هي بالاصل ثورة على الظلم والفساد وليس ثورة للطم والبكاء والمشي والتمن والقيمة . تشاركهم في ذلك الفضائيات التابعة لاحزاب السلطة الحاكمة .ولعل ما يؤكد تلك الحقائق المرة والاليمة لتغييب معالم واهداف ومبادىء الثورة الحسينية وحصرها بالمظاهر التي اشرنا اليها هو ما تقوم به الفضائيات المواكبه لمجالس العزاء ولمسيرات الراجلين حيث نجد ان سؤال اعلاميي تلك الفضائيات لاصحاب المواكب وللسائرين يتركز على امور محدده لا تمت لعظمة الثورة وقائدها واهدافها (( ما هو رايكم بالخدمات المقدمة من اكل وسكن ..... ماهو ردكم على الوهابية والتكفيريين ..... ما هو شعوركم وانتم تسيرون للحسين .....كم كلفكم من المال اقامة هذا الموكب ...........وغيرها)) . وكل ذلك يحدث وتلك الملايين الزاحفه لكربلاء تسير وكانها مخدرة وفي حالة اللاوعي او الغيبوبة حتى تعود بعد العشرين من صفر لتصحوا على واقعهها الاسود لتبدا باللعن والثبور كحال اهل الكوفة حينما خذلوا الحسين بل خرجوا عليه ثم عادوا يبكونه شهيدا وعياله سبايا لتكون تلك الملايين قد شاركت وتشارك كل عام بقتل الحسين (ع) بغفلتها وجهلها محققة لاعدائها واعداء الحسين هدفهم وهو ان يبقى الحسين دمعة فقط وهو ما يؤمن لهم مصالحهم واهدافهم .وبين اعداء الحسين المغرضين واتباعه الجاهلين يتنعم الانتهازيين ممن يلبسون رداء الحسين ويدعون انهم اتباعه وينهجون منهج وسلوك يزيد.